من مذكرات أستاذ جامعي
" رمضان يستطيع أن يجمعنا "
من وقت غير بعيد كانت العلاقات بين الناس لها شكل إختلف الأن عما كان ، كانت وسائل التواصل بين الناس لا تتحقق إلا بالزيارات الحميمية ، (وليست كما الأن) ، وكل بيت كبير يحرص على جمع الأبناء وزوجاتهم والأحفاد ، ويشترك الجميع في إعداد طعام الإفطار في أول يوم في شهر رمضان ، وتتفنن كل واحدة من الزوجات في صناعة أجمل ما تجيده للأخرين ، فالبيوت دائماً عامرة بالأهل والأصحاب والجيران عامرة بالحب ، فهناك الفه تجمع الكل مهما إختلفت الأعمار ، ولأن الحق سبحانه وتعالى جميل وستير ولذلك ستر الله بجماله الجميع ، فلم يجعل البعض يطلع على ما فى قلوب البعض ، حتى لا يتمزق المجتمع ويبتعد الكل عن الكل ، لذلك إلتف الجميع حول الجميع رغم ما بداخل القلوب ، فقد جعل الحق هناك قاعدة يتعامل الناس بها دون ما يفضح ما فى القلوب (إظهروا لنا محاسن أخلاقكم والله أعلم بالسرائر) ، وبهذا يكفي أن أكون حسن الخلق مع غيري ليألف بعضنا بعض ، ولهذا أُمسك اللسان عن وصف هذا أو ذاك بأنه منافق أو يضمر غير ما يظهر مثلاً ، فيعم المجتمع الوفاق بين الجميع فهذه هي أخلاقيات الناس خصوصاً ونحن في شهر رمضان ، وحتى وإن تغيرت السلوكيات الأن كما تغيرت العادات ، وأصبح كل واحد عبارة عن جزيرة منعزلة عن الأخرين ، والغريب وحتى لو إجتمع البعض كانت الجلسة أكثرها نفاق ويملئُها ود زائف من السهل أن يدرك زيفه ، وخرج من مصطلحات الكثير من الناس تعبير البيت الكبير ، وتحولت إلي بيوت صغيرة منعزلة ، وأصبح كل ساكن فيها وحيداً مع نفسه أو مع المحيطين الأقربين وقد يشعر أنه غريب حتى عن نفسه ، ولأننا نحن الأن في شهر رمضان الكريم ، فتعالوا معاً نعمل على تغير بعض هذه السلوك ، وننادي على بعضنا البعض ونقول تعالوا فرمضان كما يستطيع أن يجمعنا في نافلة التراويح ، فهو يستطيع أن يجمعنا في فرض (وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) فضرورة أن نكون يداً واحدة ، حتى نستطيع التغلب على الكثير من معوقات حياتنا ، وفجأة أصبح فيروس ضرب الأرض وكأنه يذكر الجميع بضرورة التواصل بين الجميع بشكل يحافظ فيه الجميع على الجميع ، وفي شهر رمضان الكريم نقولها نعالوا فرمضان يستطيع أن يجمعنا كما كان يجمع الآباء والأجداد.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى