*** الآنفجار الرهيب *** ...
...4 مارس 1946 ..." الحلقة الثانية "
....ذكرنا فى حلقة الآمس ثورة الطلبة والتى بدأت فى 9 فبراير 1946 فى جامعة القاهرة وكيف أنضم إليها العمال و التى أنطلقت فى يوم أجتماع العمال والطلبة بجامعة القاهرة لتتحول الى مظاهرة كبرى وعند محاولة المتظاهرين عبور كوبرى عباس تم فتح الكوبرى عليهم وأصيب عدد 89 فرداً ولم تحدث وفيات عدا حالة وفاة وحيدة كانت نتيجة لسقوط أحد المارة تحت عجلات أحدى السيارات فتوفى فى الحال ، كما ذكرنا أنه تمت أقالة حكومة محمود فهمى النقراشى فى 16 فبراير وتم أستدعاء الداهية إسماعيل باشا صدقى " عدو الشعب " وهو ما سبب حنق لشعب مصر لما عرف عنه من قبضة حديدية وأحتقاره للمصرين ولسابقة تزويره الآنتخابات البرلمانية وكذلك لميوله تجاه الآنجليز "
على أثر هذه الآحداث وفى اليوم التالى مباشرة لترسيم إسماعيل صدقى رئاسة الحكومة قررت لجنة العمال والطلبة عقد أجتماع عاجل فى يوم 17 فبراير والذى تقرر فيه أن يكون هناك يوماً للآضراب الشامل وتم تحديد هذا اليوم وهو21 فبراير على أن يشمل الآضراب كل مصر وخاصة القاهرة فلا يفتح بها دكان ولايذهب عامل الى مصنعه ولايجلس أحد على مقهى وأن تشل القاهرة تماما أحتجاجاً على ماحدث يوم 9 فبراير ومن فتح كوبرى عباس على الطلبة وسقوطهم وأصابتهم من أثر السقوط فى مياه النيل وكذلك أحتجاجاً على تولى عدو الشعب إسماعيل صدقى رئاسة الحكومة
..محاولة الآخوان المسلمون أجهاض الآضراب وتنصيب إسماعيل صدقى نبياً جديداً ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تلقى مطالب لجنة العمال و الطلبة قبولاً لدى جماعة الآخوان المسلمون يالتحضير ليوم الآضراب الشامل والذى حدد بيوم 21 فبراير 1946 بل على العكس من ذلك فقد صدرت الآوامر الى الآخوان من المرشد حسن البنا بالآحتفاء الشديد بأسماعيل صدقى والعمل معه ومع القوات البريطانية على محاولة أجهاض هذا اليوم المصيرى على الرغم من تعاطف الآمة كلها مع ما قررته لجنة العمال والطلبة من الآضراب ، والحقيقة أن كراهية الآخوان الشديدة لمحمود فهمى النقراشى والذى خلف المرحوم أحمد باشا ماهر والذى أغتالته جماعة الآخوان المسلمين فى 24 فبراير من العام 1945 للآسقاطه مرشد الآخوان الشيخ حسن البنا بدائرته بالآسماعيلية وأعتقال عدد كبيراً منهم كان أحد أهم أسباب أغتيال ماهر والذى تم أغتياله على يد المحامى محمود العيسوى عقب خروج ماهر من غرفة الآجتماعات البرلمانية بالبهو الفرعونى حيث عاجله بثلاثة رصاصات أودت بحياته فى الحال وقد تبين فيما بعد أن القاتل محمود العيسوى والذى كان عضواً بالحزب الوطنى أنه كان من ضمن أعضاء جماعة الآخوان المسلمون وذلك ما كشفه الشيخ الباقورى بعدة سنوات فى مذكراته " بقايا ذاكريات " و التى أوضح فيها أن العيسوى كان من ضمن تنظيم الآخوان ومن أنهم هم من أوعزوا إليه أغتيال احمد ماهر وقد تزرع وقتها العيسوى أن احمد ماهر كان قد أقترح على مجلس النواب إشراك مصر فى نهاية الحرب العالمية الثانية ولذلك قام بأغتياله و بالفعل كان احمد ماهر يرغب فى أشراك مصر فى الحرب العالمية الثانية التى كانت على وشك الآنتهاء وذلك لتكون مصر من ضمن الدول المنتصرة فى الحرب وتتحول الى قوة عالمية مثال الدول التى أنتصرت فى الحرب الثانية وهى امريكا وأنجلترا وفرنسا والصين والآتحاد السوفيتى وبذلك تحصل على مكاسب سياسية كبرى ، وقد تم أعتقال كل من حسن البنا واحمد السكرى وعدد كبير من جماعة الآخوان المسلمون عقب أغتيال احمد ماهر ولكن تم الآفراج عنهم جميعاً بعد ذلك بعد أن أصر العيسوى على أنه عضو بالحزب الوطنى وليس عضواً بجماعة الآخوان المسلمين وأنه ليس له شركاء فى أغتيال أحمد ماهر وان دافع الآغتيال هو ما سبق ذكره من أشراك مصر فى الحرب الثانية
وبالعودة مرة أخرى الى الدعوة التى أطلقتها لجنة العمال و الطلبة و اليسار المصرى و الجماعة الوطنية للآضراب العام يوم 21 فبراير حشدت جماعة الاخوان جبهة اخرى لتكون فى مواجهة الجماعة الوطنية يوم 28فبراير لمؤازرة إسماعيل صدقى " عدو الشعب " وكانت هذه الجبهة والتى أطلق عليها أسم " الجبهة القومية العامة " والتى ضم تشكيلها جبهة مصر والبعض من أعضاء مصر الفتاة وحزب الفلاح الآشتراكى و الحزب الوطنى وجمعية الشبان المسلمين وبعض من شباب الآحرار الدستورين و السعدين " وهكذا أنقسم المجتمع المصرى إلى خندقين ، خندق الثورة وعلى رأسه التيارات اليسارية و الطليعة الوفدية و النقابات العمالية والشعب والخندق الثانى كان خندق صدقى و الآستعمار و السراية ومعهم الآخوان المسلمون ، لم يصمد خندق الخيانة أمام ثورة الشعب فأنهار وأعلن حله بعد ذلك فى 22 مارس 1946
*** النبى إسماعيل صدقى ***
تعالت الآصوات الوطنية بالحرية والآستقلال تحت شعارات " الآستقلال التام أو الموت الزؤام " وعاشت مصر حرة مستقلة " و " يسقط الخونة عملاء الآستعمار " وكان دائماً ما يكون بداية هذه الآصوات من طلبة الجامعة ، ووقفت الطالبة اليسارية لطيفة الزيات الطالبة بكلية الآداب القسم الآنجليزى وكانت سكرتيراً للجنة العمال والطلبة تخطب فى الشباب ضد إسماعيل صدقى والذى كانت كل موالاته للآستعمار وتدعوا للحشد للآضراب العام يوم 21 فبراير وتحث الجميع على الصمود والمثابرة ( صورة الدكتورة لطيفة الزيات بالآعلى والتى أصبحت بعد ذلك أستاذ الآدب الآنجليزى والكاتبة المعروفة لدى المثقفين المصرين والعرب ) وقبل أن تتم خطبتها الحماسية قاطعها الطالب مصطفى مؤمن عضو جماعة الآخوان و زعيم طلبة الآخوان بالجامعة وحاول أن يتهكم عليها حتى يحبط مساعيها للآضراب المزعوم يو 21 فبراير ( صورة مصطفى مؤمن بالآعلى ) قائلاً دعماً لآسماعيل صدقى ..."
"يا لطيفة كونى لطيفة " ثم أردف " وأذكر فى الكتاب إسماعيل ، أنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً "
ولقد ساد الصمت لحظات قليلة من هول وقباحة التشبيه و التملق الذى قام به مصطفى مؤمن حينما يشبه إسماعيل صدقى عدو الشعب ورجل بريطانيا الآول والذى كل تاريخة عنف وبطش وأحتقاره للمصرين ، ثم سرعان ما أنفجرت الحناجر هاتفة " يسقط الآستعمار وعملاء الآستعمار " يسقط إسماعيل صدقى عميل الآستعمار " " يسقط الخونة " ، وكان من الطبيعى بعد تأيد الآخوان لعدو الشعب إسماعيل صدقى أن يقوم الآخير بزيارة مركز الآرشاد والذى تم أستقباله أستقبال الملوك من قبل جماعة الآخوان والمرشد حسن البنا وقد أصطفوا على جوانب الطريق بالزى الكشفى " زى جوالة الآخوان " 0 الصورة بالآعلى ) مهللين له بالهتاف و التحية بينما كانت جموع الشعب المصرى والوطنية المصرية تنظر الى هذا المشهد القمىء وتصفه بخيانة الآخوان وتعاونهم مع حليف المحتل إسماعيل صدقى ، ولم تكتفى جماعات الآخوان بالآحتفاء بعدو الشعب فحسب ولكنها أطلقت يدها تدعوا الناس وأخصهم الطلبة بعدم المشاركة فى أضراب يوم 21 فبراير وتفتى بحرمانية كل من سيشارك وأنه سيكون أثم لخروجه على ولى الآمر وأوعزت لخطباء بعض المساجد بنصح الناس بعدم المشاركة فى الآضراب والذى لم يلقى إلا كل إستهجاناً من الناس وأنفضوا من حولهم .
*** 21 فبراير يوم الطالب العالمى ***
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رغم كل دعوات الآخوان المسلمين والجبهة التى أنضمت إليهم من الآقليات فقد بائت دعوتهم بالفشل حتى جاء اليوم الموعد واشرقت شمس يوم 21 فبراير 1946 على القاهرة فكانت كما الديار المهجورة فلا سارت بها عربات ولا فتحت أبواب الحوانيت والمقاهى ولم يذهب الموظفون الى اشغالهم ، ولم يعد يسمع فيها إلا أصوات الرياح ، وفى حوالى الساعة العاشرة من الصباح بدأ التجمع الكبير من عمال وطلبة وبعض الفرق الوطنية ، وبدأت مسيرة صامته تجوب شوارع القاهرة ولكن سرعان ما تعالى هتاف أحد الطلبة بمطالب الآستقلال وكان هذا الهتاف بداية لعشرات الهتافات " يسقط الآستعمار " يسقط الخونة ويسقط صدقى " " الآستقلال التام أو الموت الزؤام " " عاشت مصر حرة مستقلة " وعلى أثر هذه الهتافات المدوية والتى أيقظت الشعور الوطنى لدى جموع الشعب المصرى والذى تحرك سريعاً لينضم الى جموع المتظاهرين وهنا كان المشهد المهيب للتظاهرات و التى تمحورت وتشكلت فى كل شوارع القاهرة .
وعلى الجانب الآخر سرعان ما ظهرت الجنود البريطانين و فرق بولك النظام ( الآمن المركزى ) حاملين فى يدهم بنادقهم وواضعين الدروع الواقية أمامهم وعلى جانب كل منهم عصى غليظة لتفريق المتظاهرين وكان يقودهم كل من حكمدار القاهرة راسل باشا وحكمدار الجيزة فيتزباترك باشا ، وما أن أقتربت المظاهرات من الآقتراب من ميدان الآسماعيلية ( ميدان التحرير حالياً ) حتى أمر كل من حكمدار القاهرة والجيزة الجنود بتصويب البنادق فى أتجاه المظاهرات والتى كان يتقدمها الطلبة ، ثم وقف راسل باشا يقول بصوت عال أستعداد ...صوب السلاح ...أضرب ..وهنا بدأت المذبحة تتخذ أشكالها الدموية وبدأ الرصاص ينهمر على جموع المتظاهرين وخاصة من تقدم الصفوف منهم وكان غالبيتهم من طلبة الجامعات والمدارس ، وبدأ الشهداء فى التساقط غارقين فى دمائهم الذكية لتروى أرض الميدان ، وبعد أن تم أطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين أندفعت قوات بولك النظام بعصيانهم الغليظة تضرب كل من تطولة بلا رحمة أو شفقة فى محاولة لفض المظاهرة ، وأستمر الآمر كذلك بين فر وكر لينتهى هذا اليوم الدامى وقد خلف وراءه 23 شهيداً " ثلاثة وعشرون شهيداً " من خيرة شباب مصر وكان عدد المصابين 120 مصاب " مائة وعشرون مصاباً " .
فى اليوم التالى 22 فبراير 1946 خرجت جثامين الشهداء الثلاثة وعشرون فى مشهد مهيب شديد الحزن والغضب معاً فى مظاهرة صامتة ، وخرج خلف الجنازات عشرات الآلاف من جميع وعموم طبقات الشعب المصرى فى وداع أبطال الحرية وشهداء الوطن ، وبعد الآنتهاء من مراسم الدفن أجتمعت لجنة العمال والطلبة ودعت الى يوم حداد عام فى كل مدن وقرى ونجوع وكفور مصر وتقرر أن يكون هذا اليوم هو يوم الآثنين الموافق 4 مارس 1946 ، هذا اليوم الذى كان نقطة تحول كبيرة فى تاريخ مصر والذى كانت صناعته سكندرية بالكامل 00
...فى الحلقة القادمىة
1/ تفاصيل يوم الرعب بالآسكندرية – البدايات الآولى وخط سير المظاهرات –
2/ عودة حركة الفدائين فى الآسكندرية " قاذفوا القنابل "
3/ شهادات لآبراهيم طلعت وحمزة البسيونى و أحمد مصطفى و جابر المعيرجى وأخرين .
........دمتم فى أمان الله ( كتب / مصطفى ابراهيم طلعت )
...4 مارس 1946 ..." الحلقة الثانية "
....ذكرنا فى حلقة الآمس ثورة الطلبة والتى بدأت فى 9 فبراير 1946 فى جامعة القاهرة وكيف أنضم إليها العمال و التى أنطلقت فى يوم أجتماع العمال والطلبة بجامعة القاهرة لتتحول الى مظاهرة كبرى وعند محاولة المتظاهرين عبور كوبرى عباس تم فتح الكوبرى عليهم وأصيب عدد 89 فرداً ولم تحدث وفيات عدا حالة وفاة وحيدة كانت نتيجة لسقوط أحد المارة تحت عجلات أحدى السيارات فتوفى فى الحال ، كما ذكرنا أنه تمت أقالة حكومة محمود فهمى النقراشى فى 16 فبراير وتم أستدعاء الداهية إسماعيل باشا صدقى " عدو الشعب " وهو ما سبب حنق لشعب مصر لما عرف عنه من قبضة حديدية وأحتقاره للمصرين ولسابقة تزويره الآنتخابات البرلمانية وكذلك لميوله تجاه الآنجليز "
على أثر هذه الآحداث وفى اليوم التالى مباشرة لترسيم إسماعيل صدقى رئاسة الحكومة قررت لجنة العمال والطلبة عقد أجتماع عاجل فى يوم 17 فبراير والذى تقرر فيه أن يكون هناك يوماً للآضراب الشامل وتم تحديد هذا اليوم وهو21 فبراير على أن يشمل الآضراب كل مصر وخاصة القاهرة فلا يفتح بها دكان ولايذهب عامل الى مصنعه ولايجلس أحد على مقهى وأن تشل القاهرة تماما أحتجاجاً على ماحدث يوم 9 فبراير ومن فتح كوبرى عباس على الطلبة وسقوطهم وأصابتهم من أثر السقوط فى مياه النيل وكذلك أحتجاجاً على تولى عدو الشعب إسماعيل صدقى رئاسة الحكومة
..محاولة الآخوان المسلمون أجهاض الآضراب وتنصيب إسماعيل صدقى نبياً جديداً ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تلقى مطالب لجنة العمال و الطلبة قبولاً لدى جماعة الآخوان المسلمون يالتحضير ليوم الآضراب الشامل والذى حدد بيوم 21 فبراير 1946 بل على العكس من ذلك فقد صدرت الآوامر الى الآخوان من المرشد حسن البنا بالآحتفاء الشديد بأسماعيل صدقى والعمل معه ومع القوات البريطانية على محاولة أجهاض هذا اليوم المصيرى على الرغم من تعاطف الآمة كلها مع ما قررته لجنة العمال والطلبة من الآضراب ، والحقيقة أن كراهية الآخوان الشديدة لمحمود فهمى النقراشى والذى خلف المرحوم أحمد باشا ماهر والذى أغتالته جماعة الآخوان المسلمين فى 24 فبراير من العام 1945 للآسقاطه مرشد الآخوان الشيخ حسن البنا بدائرته بالآسماعيلية وأعتقال عدد كبيراً منهم كان أحد أهم أسباب أغتيال ماهر والذى تم أغتياله على يد المحامى محمود العيسوى عقب خروج ماهر من غرفة الآجتماعات البرلمانية بالبهو الفرعونى حيث عاجله بثلاثة رصاصات أودت بحياته فى الحال وقد تبين فيما بعد أن القاتل محمود العيسوى والذى كان عضواً بالحزب الوطنى أنه كان من ضمن أعضاء جماعة الآخوان المسلمون وذلك ما كشفه الشيخ الباقورى بعدة سنوات فى مذكراته " بقايا ذاكريات " و التى أوضح فيها أن العيسوى كان من ضمن تنظيم الآخوان ومن أنهم هم من أوعزوا إليه أغتيال احمد ماهر وقد تزرع وقتها العيسوى أن احمد ماهر كان قد أقترح على مجلس النواب إشراك مصر فى نهاية الحرب العالمية الثانية ولذلك قام بأغتياله و بالفعل كان احمد ماهر يرغب فى أشراك مصر فى الحرب العالمية الثانية التى كانت على وشك الآنتهاء وذلك لتكون مصر من ضمن الدول المنتصرة فى الحرب وتتحول الى قوة عالمية مثال الدول التى أنتصرت فى الحرب الثانية وهى امريكا وأنجلترا وفرنسا والصين والآتحاد السوفيتى وبذلك تحصل على مكاسب سياسية كبرى ، وقد تم أعتقال كل من حسن البنا واحمد السكرى وعدد كبير من جماعة الآخوان المسلمون عقب أغتيال احمد ماهر ولكن تم الآفراج عنهم جميعاً بعد ذلك بعد أن أصر العيسوى على أنه عضو بالحزب الوطنى وليس عضواً بجماعة الآخوان المسلمين وأنه ليس له شركاء فى أغتيال أحمد ماهر وان دافع الآغتيال هو ما سبق ذكره من أشراك مصر فى الحرب الثانية
وبالعودة مرة أخرى الى الدعوة التى أطلقتها لجنة العمال و الطلبة و اليسار المصرى و الجماعة الوطنية للآضراب العام يوم 21 فبراير حشدت جماعة الاخوان جبهة اخرى لتكون فى مواجهة الجماعة الوطنية يوم 28فبراير لمؤازرة إسماعيل صدقى " عدو الشعب " وكانت هذه الجبهة والتى أطلق عليها أسم " الجبهة القومية العامة " والتى ضم تشكيلها جبهة مصر والبعض من أعضاء مصر الفتاة وحزب الفلاح الآشتراكى و الحزب الوطنى وجمعية الشبان المسلمين وبعض من شباب الآحرار الدستورين و السعدين " وهكذا أنقسم المجتمع المصرى إلى خندقين ، خندق الثورة وعلى رأسه التيارات اليسارية و الطليعة الوفدية و النقابات العمالية والشعب والخندق الثانى كان خندق صدقى و الآستعمار و السراية ومعهم الآخوان المسلمون ، لم يصمد خندق الخيانة أمام ثورة الشعب فأنهار وأعلن حله بعد ذلك فى 22 مارس 1946
*** النبى إسماعيل صدقى ***
تعالت الآصوات الوطنية بالحرية والآستقلال تحت شعارات " الآستقلال التام أو الموت الزؤام " وعاشت مصر حرة مستقلة " و " يسقط الخونة عملاء الآستعمار " وكان دائماً ما يكون بداية هذه الآصوات من طلبة الجامعة ، ووقفت الطالبة اليسارية لطيفة الزيات الطالبة بكلية الآداب القسم الآنجليزى وكانت سكرتيراً للجنة العمال والطلبة تخطب فى الشباب ضد إسماعيل صدقى والذى كانت كل موالاته للآستعمار وتدعوا للحشد للآضراب العام يوم 21 فبراير وتحث الجميع على الصمود والمثابرة ( صورة الدكتورة لطيفة الزيات بالآعلى والتى أصبحت بعد ذلك أستاذ الآدب الآنجليزى والكاتبة المعروفة لدى المثقفين المصرين والعرب ) وقبل أن تتم خطبتها الحماسية قاطعها الطالب مصطفى مؤمن عضو جماعة الآخوان و زعيم طلبة الآخوان بالجامعة وحاول أن يتهكم عليها حتى يحبط مساعيها للآضراب المزعوم يو 21 فبراير ( صورة مصطفى مؤمن بالآعلى ) قائلاً دعماً لآسماعيل صدقى ..."
"يا لطيفة كونى لطيفة " ثم أردف " وأذكر فى الكتاب إسماعيل ، أنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً "
ولقد ساد الصمت لحظات قليلة من هول وقباحة التشبيه و التملق الذى قام به مصطفى مؤمن حينما يشبه إسماعيل صدقى عدو الشعب ورجل بريطانيا الآول والذى كل تاريخة عنف وبطش وأحتقاره للمصرين ، ثم سرعان ما أنفجرت الحناجر هاتفة " يسقط الآستعمار وعملاء الآستعمار " يسقط إسماعيل صدقى عميل الآستعمار " " يسقط الخونة " ، وكان من الطبيعى بعد تأيد الآخوان لعدو الشعب إسماعيل صدقى أن يقوم الآخير بزيارة مركز الآرشاد والذى تم أستقباله أستقبال الملوك من قبل جماعة الآخوان والمرشد حسن البنا وقد أصطفوا على جوانب الطريق بالزى الكشفى " زى جوالة الآخوان " 0 الصورة بالآعلى ) مهللين له بالهتاف و التحية بينما كانت جموع الشعب المصرى والوطنية المصرية تنظر الى هذا المشهد القمىء وتصفه بخيانة الآخوان وتعاونهم مع حليف المحتل إسماعيل صدقى ، ولم تكتفى جماعات الآخوان بالآحتفاء بعدو الشعب فحسب ولكنها أطلقت يدها تدعوا الناس وأخصهم الطلبة بعدم المشاركة فى أضراب يوم 21 فبراير وتفتى بحرمانية كل من سيشارك وأنه سيكون أثم لخروجه على ولى الآمر وأوعزت لخطباء بعض المساجد بنصح الناس بعدم المشاركة فى الآضراب والذى لم يلقى إلا كل إستهجاناً من الناس وأنفضوا من حولهم .
*** 21 فبراير يوم الطالب العالمى ***
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رغم كل دعوات الآخوان المسلمين والجبهة التى أنضمت إليهم من الآقليات فقد بائت دعوتهم بالفشل حتى جاء اليوم الموعد واشرقت شمس يوم 21 فبراير 1946 على القاهرة فكانت كما الديار المهجورة فلا سارت بها عربات ولا فتحت أبواب الحوانيت والمقاهى ولم يذهب الموظفون الى اشغالهم ، ولم يعد يسمع فيها إلا أصوات الرياح ، وفى حوالى الساعة العاشرة من الصباح بدأ التجمع الكبير من عمال وطلبة وبعض الفرق الوطنية ، وبدأت مسيرة صامته تجوب شوارع القاهرة ولكن سرعان ما تعالى هتاف أحد الطلبة بمطالب الآستقلال وكان هذا الهتاف بداية لعشرات الهتافات " يسقط الآستعمار " يسقط الخونة ويسقط صدقى " " الآستقلال التام أو الموت الزؤام " " عاشت مصر حرة مستقلة " وعلى أثر هذه الهتافات المدوية والتى أيقظت الشعور الوطنى لدى جموع الشعب المصرى والذى تحرك سريعاً لينضم الى جموع المتظاهرين وهنا كان المشهد المهيب للتظاهرات و التى تمحورت وتشكلت فى كل شوارع القاهرة .
وعلى الجانب الآخر سرعان ما ظهرت الجنود البريطانين و فرق بولك النظام ( الآمن المركزى ) حاملين فى يدهم بنادقهم وواضعين الدروع الواقية أمامهم وعلى جانب كل منهم عصى غليظة لتفريق المتظاهرين وكان يقودهم كل من حكمدار القاهرة راسل باشا وحكمدار الجيزة فيتزباترك باشا ، وما أن أقتربت المظاهرات من الآقتراب من ميدان الآسماعيلية ( ميدان التحرير حالياً ) حتى أمر كل من حكمدار القاهرة والجيزة الجنود بتصويب البنادق فى أتجاه المظاهرات والتى كان يتقدمها الطلبة ، ثم وقف راسل باشا يقول بصوت عال أستعداد ...صوب السلاح ...أضرب ..وهنا بدأت المذبحة تتخذ أشكالها الدموية وبدأ الرصاص ينهمر على جموع المتظاهرين وخاصة من تقدم الصفوف منهم وكان غالبيتهم من طلبة الجامعات والمدارس ، وبدأ الشهداء فى التساقط غارقين فى دمائهم الذكية لتروى أرض الميدان ، وبعد أن تم أطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين أندفعت قوات بولك النظام بعصيانهم الغليظة تضرب كل من تطولة بلا رحمة أو شفقة فى محاولة لفض المظاهرة ، وأستمر الآمر كذلك بين فر وكر لينتهى هذا اليوم الدامى وقد خلف وراءه 23 شهيداً " ثلاثة وعشرون شهيداً " من خيرة شباب مصر وكان عدد المصابين 120 مصاب " مائة وعشرون مصاباً " .
فى اليوم التالى 22 فبراير 1946 خرجت جثامين الشهداء الثلاثة وعشرون فى مشهد مهيب شديد الحزن والغضب معاً فى مظاهرة صامتة ، وخرج خلف الجنازات عشرات الآلاف من جميع وعموم طبقات الشعب المصرى فى وداع أبطال الحرية وشهداء الوطن ، وبعد الآنتهاء من مراسم الدفن أجتمعت لجنة العمال والطلبة ودعت الى يوم حداد عام فى كل مدن وقرى ونجوع وكفور مصر وتقرر أن يكون هذا اليوم هو يوم الآثنين الموافق 4 مارس 1946 ، هذا اليوم الذى كان نقطة تحول كبيرة فى تاريخ مصر والذى كانت صناعته سكندرية بالكامل 00
...فى الحلقة القادمىة
1/ تفاصيل يوم الرعب بالآسكندرية – البدايات الآولى وخط سير المظاهرات –
2/ عودة حركة الفدائين فى الآسكندرية " قاذفوا القنابل "
3/ شهادات لآبراهيم طلعت وحمزة البسيونى و أحمد مصطفى و جابر المعيرجى وأخرين .
........دمتم فى أمان الله ( كتب / مصطفى ابراهيم طلعت )