موقع مجلة الوعي الفكري والثقافى موقع مجلة الوعي الفكري والثقافى
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

طنية سايكس بيكو ! *حكم عقلك*

_وطنية سايكس بيكو !
*حكم عقلك*
*وقف سلمان الفارسي على حافة نهر دجلة ليعبر بجيش الفاتحين برفقة القائد العظيم سعد بن أبي وقاص لإسقاط عاصمة الفرس "المدائن"، وعبر سعد نهر دجلة من أضيق مكان فيه بنصيحة سلمان الفارسي على خيولهم وعند عبور النهر قال لهم: "اعبروه مثنى مثنى" وذلك حتى يكونوا عونا لبعضهم البعض..

ثم أشار القائد إلى رفيقه الذي سيخوض النهر معه، رفيقه سلمان الفارسي !
نعم فارسي، فارسي يقاتل بني قومه ويسعى لإسقاط دولتهم مع جيش من الفاتـحين من غير بني جنسه ولا قوميته، والعجيب أنه لم يكن الوحيد، بل كان في الجيش عشرات آخرين، وربما مئات أو آلاف ممن هم مثله وقد إنضموا لجيش الفاتحين يقـاتلون جـيوش قومهم ويعينون عليهم !

هل نحن أمام خيانة وطنية ؟!

وفي ناحية أخرى من العالم، وفي وقت آخر..
جـيشان مصطفَّان أمام بعضهما لم يحدث بينهما قـتال بعد، أحد الجيشين هو جيش الإمبراطورية الرومانية، فيخرج من الجـيش الرومي "جرجه" أحد قواده ويطلب مقابلة خالد بن الوليد رضي الله عنه أمير الجـيش الآخر، فخرج له، فلما اقتربا وكل منهما رافع سيفه وماسك درعه، طلب القائد الرومي الأمان من الثاني، فأمنه وخفض سيـفه، فخفض الآخر سيفه ولكن احتمى كل منهما بدرعه يخشى الخيانة من الآخر، واقترب كل منهما من الآخر، في وسط الأرض الفاصلة بين الجيشين، ودار بينهما حوار لدقائق، فلا يكاد ينتهي ذلك الحوار حتى ينطلق القائد الرومي مع غريمه إلى خيمته، ثم يخرجان بعد وقت ليس بالطويل منها، ليقاتل القائد الرومي إلى جوار غريمه ضد جيوش بني قومه، وضد جنود وطنه حتى يلقى الله وهو على ذلك !

هل تلك خـيانة وطنية أخرى ؟!

في مقاييس (الوطنية) المستحدثة، فإن ما فعله ذلك الفارسي هو خيانة تستوجب الإعدام، ولو تمت محاكمته هو وأمثاله من المنظمين إلى جـيش الفاتحين أمام محاكم العصر الحديث، لاتهموهم بكل نقيصة ومسلبة، ولربما سحبوا منهم جنسية دولتهم وأعلنوهم خونة مجرمين !

الحقيقة أن هؤلاء فعلوا ما فعلوه لأنهم كانوا يحملون عقيدة تربوا في ظلها حددت لهم حقيقة الموالاة، إنهم تربوا على قول الحق: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(٥٥) المائدة، ووعت آذانهم كلمات من أُمروا بالأخذ عنه صلى الله عليه وسلم وهو الذي يقول:
( ..أَلا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ.. ) الراوي: جابر بن عبد الله، صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1218، خلاصة حكم المحدث: صحيح.

لقد تعلموا أن الموالاة للقوم والقبيلة والعشيرة جاهلية، وأن الموالاة على الجنس العربي أوغيره جاهلية، وأن كل موالاة لغير الله ورسوله ودينه جاهلية، تعلموا أن المسلمين أمة واحدة، وأرضهم واحدة، ودولتهم واحدة، ودماؤهم واحدة، وعدوهم واحد، ونصرهم واحد، وجسدهم واحد، وربهم واحد، وجيشهم واحد، وحاكمهم واحد.. !

والغريب أن تلك الأمة التي كانت بدايتها هي وضع كل موالاة إلا الموالاة لله تحت أقدامها.. عادت بعد عقود طويلة لتلتقط نوعاً آخر من الموالاة وترفعه فوق رأسها، ولكنها لم تلتقطه من تحت أقدامها، بل من تحت أقدام أعدائها !

نعم.. اليوم أصبحت الموالاة للأرض !

فالموجودون على تلك المساحة من الأرض المسماة (وطنا) هم من يستحقون النصرة والمحبة والبذل، أما من هم خارجها فموالاتنا لهم أقل، أو قل لا موالاة على الإطلاق، فلا دخل لنا إن حاصرهم أعـداء الأمة حتى الموت جوعا، أو قتلوهم بقـصف الطيران والمدافع !

لا دخل لنا طالما أننا آمنون على قطعة الأرض التي سميناها وطنا..
لكن الغريب هو أننا لسنا نحن من اخترنا الوطن ووضعنا حدوده..
الحقيقة المرة أن أعداءنا هم من حددوا الأوطان ورسموا حدودها وراياتها الجاهلية..

فبعد أن عانوا قرونا طويلة من (الأمة الواحدة) التي تبني ولائها على الأساس العقدي الذي نزل في الشريعة الربانية، الأمة الواحدة ذات الوطن الواحد المترامي الأطراف بين الصين والمحيط الأطلسي، كان لابد من تمـزيق تلك الأمة ليتمكنوا من هزيمتها والتسلط عليها !

فكانت خدعة الحدود التي تمزق الوطن الواحد لأوطان عدة تكون الحركة بينها بوثائق خاصة للسفر تعطى بِناءً على جنسية وطنية مرتبطة بالحدود المرسومة، لكن تمزيق الأمة و قولبتها داخل حدود سايكس بيـكو لم يكن ليكتمل دون قولبة أخرى لعقول أبناء تلك الأمة، ولذلك ولدت الوطنية، صنعوها لتضييق أفق المسلمين وإيجاد بديل يصرفهم عن وحدتهم التي هي سر قوتهم، فلتتقولب العقول إذا ويضيق أفقها وتقطع أحبال الموالاة تحت اسم الوطنية المحمودة الرائعة !

هكذا يقبلون تمزقهم و يعتبرونه محمدة لا مذمة، ومنحة لا سلباً !
وهكذا أصبحت حدود سايكس بيكو هي مناط موالاة أوصال الأمة، أصبحت حدود العقول قبل أن تصبح حدود الأرض !

وهذه هى المشكلة الحقيقية، أصبح تقوقع أوصال الأمة الممزقة داخل حدودها المصنوعة منذ عقود قليلة بيد أعدائها هو الصواب المطلق إذا ما قارناه بوحدتها التي دامت على مدى قرون طويلة، بل أصبح مجرد التفكير في استعادة تلك الوحدة خـيانة وطنية لا يمكن السكوت عليها، ورجعية لا يحتمل مناقشتها !

أما الدعوة لتحرر العقول من تلك "السايكس بيكو اللعينة" المسماة بـ "الوطنية" فتلك هي الجريمة الكبرى والذنب الذي لا يغتفر !
ويحـنا، متى نخرج من ذلك التيه الذي تاهت عقولنا في دروبه ونتحرر منه ؟!
دعوة لتصحيح المفاهيم !
__والصلاة والسلام على من تركها لنا بيضاء ناصعة ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه اجمعين وسلم تسليما كثيرا:
__وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.

 

عن الكاتب

مشرف الموقع

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

موقع مجلة الوعي الفكري والثقافى