بَقَايَا وَلِيمَةٍ
مِنْ سَمَكِ الْبَحْرِ الْمَيِّتِ
--------------------
مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة
--------------------
مِنْ هُنَاكَ المَشْهَدُ المَمْلُوكُ
مِنْ خَلْفِ احْتِقَانَاتِ المَصِيرِ..
فِي بَرَارِي الشَّكِّ قَدْ كَانُوا
عَلَى سَرْجِ الْحِصَانِ المُسْتَنِيرِ..
ثُمَّ كَانَتْ دَعْوَةٌ بَكْمَاءُ مِنْ فِيْهِ الْفَرَاغِ
إِلَى مَا لَا يُرَى عُشْبًا عَلَى السَّطْرِ الصَّغِيرِ..
ثُمَّ كَانُوا ظِلَّ ذَاكِرَةٍ فِيمَا هَمَى
مِنْ عَتْمَةٍ لِلرُّوحِ.. لَا يُلْقُونَ بَالًا
لِلضِّيَاءِ المُتْرَفِ الْأَشْكَالِ،
بَلْ طَافُوا كَأَشْلَاءِ الشَّظَايَا حَوْلَ رِقَّتِهِمْ
فِي النَّوْمِ مَا مَرُّوا سِوَى
حُلُمٍ فِي هذَا الفَضَاءِ المُسْتَطِيرِ..
ثُمَّ أَوْلَوُا السَّمْعَ آذَانًا إِلى بِكْرِ الصَّدَى
هُمْ مَوتُهُمْ يَأْتِي إِلَيْهِمْ؛
طَائِعَ الْأَطْرَافِ مُنْسَاقًا إِلَى مَوْتِ الضَّمِيرِ.
*
تَدْخُلُونَ الْآنَ وَقْتِي
فِي مَصَابِيحِ انْتِهَاءٍ؛
أَيَّ آبَاءٍ أَرَى
فِي ضِفَّةِ البَحْرِ يُعِدُّونَ مَرَاسِيمَ الظُّهُورِ..
لِاحْتِوَاءِ المَاءِ فِي بَطْنِ الْأَيَادِي
حَيْثُ أَكْوَابٌ مُهَشَّمَةٌ
فِي حَضْرَةِ التَّارِيخِ قَدْ مُدَّتْ إِلَى طَوْقِ العُبُورِ..
: اُدْخُلُوا مَا شِئْتُمُ مَثْنًى، ثُلَاثًا أَوْ فُرَادَى،
وَاقْطَعُوا الْأَقْوَاسَ مِنْ قَوْسِ الْحُرُوبِ المُنْتَهَاةِ
إِلَى مَا لَا سَيَبْقَى مِنْ أَكَالِيلِ الْغُرُورِ..
اشْرَبُوا البَحْرَ إِذَا مَا عَزَّ مَاءٌ
مُمْسَكٌ فِي فَكِّ حُوتِ الْبَرِّ وَالبَحْرِ، وَظَلُّوا
فِي انْتِظَارِ النَّصْرِ
لَا يَأْتِي،
وَلَا يَأْتِي سِوَى عِرْقِ الشُّعُورِ..
: تَدْخُلُونَ الْآنَ وَقْتِي؟
كَيْفَ لَا بَأْسَ، وَأَنْتُمْ
دَعْوَةٌ لِلْمِلْحِ فِي حَلْقِ الْحُضُورِ.
*
ههُنَا قَدْ أَصْبَحَ المَمْلُوكُ ذَا تَاجٍ عَلَى عَرْشِ القُبُورِ.
----------------------------------------------
(مِنَ المَجْمُوعَةِ الشِّعْرِيَّةِ: "أَنْتِ وَأَنَا وَالْأَبْيَضُ سَيِّءُ الذِّكْرِ" (1995م)